
نوستالجيا الأغنية القطرية
منذُ القدم … بدأ الإنسان القطري غناءً …. يروي قصة ماضيه … و يرسم ملامح واقعه… ويهيم بقادمٍ ينتظره … نهاماً على متن سفينةٍ نحو مجهول… و رحالاً على ظهر إبلٍ نحو مأمول .. و محارباً يستل سيفه يأبى الأفول .. و ناسكاً يدعو ربه يرجو القبول.//
موروثٌ فنيٌ زاخر…أثقل كاهل ورثته… بزخمه و ثرائه …. جيل عرف قيمة ما ورث…
أغنيةٌ قطريةٌ فريدة … مثل دانةٍ وسط اللآلىء. …رجالٌ قرروا خوض رحلتهم ….
عرفوا أنهم أهلٌ لها….حملوا على عاتقهم همّها…حتى وصلوا بها إلى بر الأمان .//
للأغنية القطرية أبطالٌ … تفخرُ بهم ….و يعتزون بها ….
(صوت الخليج)… تعرفهم و يعرفونها …… كما تعرفهم أنت …
الحلقة الثامنة
الفنان والملحن ناصر صالح
مبدعٌ قطريٌ وموهبةٌ فريدة من نوعها ، تمييّز بصوتٍ شجي و لحنٍ عذب وإحساسٍ راقٍ ، يمتلك تاريخاً ثرياً من إبداعاته لحناً وغناءً ، وفي رصيده محبةٌ راسخةً في قلبِ و ذاكرةِ أجيالٍ سابقة و حاضرة .//
ولد في مدينة الوكرة عام 1962 لأبٍ فنان أيضاً ، هو الفنان صالح المزروعي ، الذي أشتهر بأغنية (شايب راسي و أنا توني صغير )) ، عشق الفن في سن صغيرة جداً ، صنع عوده بنفسه ، بدأ الغناء طالباً في المرحلة الابتدائية ، أثار إعجاب كل من يستمع إليه ، حتى استطاع الحصول على عوده الأول بمبلغ زهيد ، لا يتجاوز الخمسين ريالأ، وكان يستعين ببعض العازفين لضبط العود له، و يراقب ادائهم بتركيز عالٍ ، حتى استطاع أن يتقن العزف بنفسه، دون أيّ تدخل من أحد.//
عام 1979 كانت (عيونك جرحت قلبي ) من أوليات ابداعاته لحناً وغناءً من كلمات “راشد المزروعي” ، و قدمها للفنان الراحل “محمد الساعي” ، كان للأغنية دورٌ كبير في إظهار قدرةٍ تلحينيةٍ فذة ، ومازالت الأغنية حتى الآن تعيش في أذهان و قلوب محبيه .//
عشق الفن الشرقي ، و كان يستمع لعمالقته أمثال الموسيقار عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ، أجاد الغناء لكبار الفنانين ، من منطلق قناعته بأن الثقافة والاطلاع من أهم مكونات الفنان الحقيقي .//
عام 1984 التقى الفنان (ناصر صالح) بالموسيقار عبد العزيز ناصر في حفل بالدوحة ، و كان موسيقار قطر قد استمع لتسجيل صوتي للفنان (ناصر صالح) كان بحوزة الفنان أحمد علي ، فطلب أن يلتقي به، لتبدأ توأمةٌ فنية راقية ، جمعت قامتين من قامات الفن القطري ، نتج عنها أبدع الأغنيات الوطنية و العاطفية و الأوبريتات.//
عام 1986 وبعد أقل من عامين على اللقاء الأول ، أصدر الفنان (ناصر صالح) البوم ، هو بالكامل من الحان الموسيقار عبد العزيز ناصر، في خطوة كانت الأولى من نوعها ، فكان الفنان القطري الوحيد الذي حظي بهذه المبادرة .//
وجد موسيقار قطر في صوت الفنان (ناصر صالح) إحساسه المتدفق و صوته المعبر في سنوات عطائه ،فأعاد اكتشاف كل المساحات الصوتية التي يمتلكها الفنان ناصر صالح فتوالت بعدها أشهر و أجمل الأغنيات ((وطن الاحساس ، يمه على بابي قمر، خيل الخشب ، سمعتك لو يتراوالي ، افترقنا ، كن عذابي ، نجمة سفر ، قوس قزح )) ، مشوار طويل من روائع اللحن و النغمات إلى أن رحل الموسيقار (عبد العزيز ناصر ) ليفقد (ناصر صالح) رفيق دربه و أستاذه و ملهمه .//
لم تقتصر تعاملات الفنان ( ناصر صالح) اللحنية على ألحان الموسيقار عبد العزيز ناصر، بل لحن له فنان الأجيال طلال مداح (( زلة بريئة ، زين الخجل )) ، ومع الموسيقار مطر الكواري ((بحار التيه ، يا عذاب عيون ،نور عيني))، و مع الموسيقار محمد المرزوقي ((الفنجال و تدلل ، سألت الموج و الساحل، عانقي هام السحايب)) و أعمال أخرى كثيرة يصعب حصرها .//
كما تعامل شعرياً مع أهم الشعراء أمثال (( جاسم صفر، فالح العجلان ، عبد الرحمن المناعي ، سميح القاسم، عبد الرحمن الصديقي ، الشيخ فهد بن غانم آل ثاني ، حسن المهندي، عبدالله الجاير ، خليفة جمعان ، تيسير عبدالله، راشد المزروعي ))
أشتهر الفنان( ناصر صالح )بالأغنية الوطنية ، و صوته كان و مازال حاضراً على الدوام في كل مناسبات الوطن ، وحسب رأيه فان سبب تميز أغنياته الوطنية ، هو اعتماد الكلمة المعبرة و اللحن المؤثر، ومن أشهر أغنياته الوطنية ((بيرق تميم ، عانقي هام السحايب ، أغلى بلد، هل العليا، هوى الدوحة، أسولف يا قطر))
عام 2019 قام سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة و الرياضة بتكريم الفنان القطري القدير ناصر صالح ، الصوت القطري الذي قدّم الكثير لعالم الفن و الإبداع ، تقديراً لدوره الكبير في إثراء المكتبة الفنية بالعديد من الأعمال الموسيقية القطرية .///
وما زال عطاؤه الفني المتميز مستمراً منذ أكثر من أربعين عاماً، محتلاً مكانة كبيرة في قلوب جماهيره، والتي لم يسبقه إليها الكثيرون من قبله.//.